رسالة الدكتور محمد بن علي كومان بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات
وعد 2020شدد معالى الدكتور محمد بن على كومان الامين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب على ان الاحتفال هذا العام يأتي مع الأسرة الدولية باليوم العالمي لمكافحة المخدرات في السادس والعشرين من شهر يونيو في ظروف تشهد للأسف تفاقماً لهذه الظاهرة، التي باتت تشكل إحدى أخطر وأبشع الظواهر التي يعيشها عالمنا اليوم، وذلك بالنظر للآثار المأساوية التي تخلّفها على صحة الشعوب وعقولها،فضلاً عن تأثيراتها السلبية على اقتصاديات الدول ونمائها اذ بين معالية فى كلمتة ان ما يزيد من قتامة الصورة وسوداويتها ما يترافق مع انتشار هذه الظاهرة من أحوال أمنية استثنائية تشهدها بعض المناطق في العالم العربي، واضطراباتٍ وصراعاتٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ، أدّت إلى وجود التربة الخصبة لنشاطات الجماعات الإجرامية المختلفة، وشبكات الاتجار المنظم بالمخدرات، مستغلةً بذلك الأوضاع الأمنية السائدة لتوسيع رقعة أنشطتها الشريرة، وخاصة في مجال الاتجار غير المشروع بالمخدرات، الذي يوفر أموالاً طائلة يجري استغلالها بشكلٍ بشعٍ لتمويل النشاطات الإجرامية المختلفة الأخرى لهذه الجماعات، في حلقةٍ متصلةٍ من الشرّ والشيطانية، يُضاف إلى ذلك ما يطرأ على الساحة الدولية من مستجداتٍ في مجال المخدرات بجوانبها المختلفة، زراعةً وإنتاجاً وتهريباً، والتي لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على المنطقة العربية برمّتها.
واشار الى الاثار السلبية الممتدة لاستمرار جائحة كوفيد 19 والصعوبات الاقتصادية والمشكلات الاجتماعية التي تمخض عنها تفشي هذه الجائحة، مما زاد في تعقيد الصورة وجعل الأجهزة الأمنية المختلفة تحت وطأة تحديات أمنية واجتماعية وصحية أكثر تعقيداً، ناهيك عن تنامي عمليات التعامل غير المشروع بالمخدرات بواسطة شبكة الإنترنت ووسائل التوصل الاجتماعي واستغلال آليات نقل وتسليم وتوصيل البضائع المختلفة في المتاجرة بالمخدرات.
واضاف إلى ذلك، استمرار وتزايد استخدام عصابات تهريب المخدرات من آسيا وأفريقيا وأوروبا لكثير من المناطق في عدد من الدول العربية، كمناطق عبور لبعض أنواع المخدرات، مثل الهيروين والكوكايين من دول الإنتاج إلى دول الاستهلاك، فقد تزايدت في السنوات الأخيرة ضبطيات مادة الكوكايين في عددٍ من الدول العربية التي تدخل إليها جواً وأيضاً عن طريق خدمات البريدالسريع، بالإضافة الى الشحن البحري، كذلك ضبطيات مادة الكريستال (الميث) القادم الجديد للمنطقة العربية، وما يترتب على تعاطيه من نتائج صحية شديدة الخطورة.
واكد انه مما لاشك فيه، أن تهريب هذه المخدرات المستحدثة نوعاً ما، إلى بعض دول المنطقة،يدعونا إلى توخّي المزيد من الحيطة والحذر من تطور هذه الاتجاهات الجديدة في التهريب، وانعكاساتها السلبية على الدول العربية، سيّما أن ذلك يشير إلى ارتفاع معدلات الطلب على هذه المخدرات بين أوساط الشباب.
كما شدد معاليه على انه لا يزال وجود وتوسّع الزراعات غير المشروعة للمحاصيل المنتجة للعقاقير المخدرة وخاصّة نبات القنب، مصدر قلقٍ وتأثيرٍ سلبيٍ متعدد الأوجه على المنطقة العربية، خاصةً في ضوء توسع وازدياد إباحة تعاطي هذه المادة في بعض دول أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية، مما يشكّل -بلاشك -ظاهرةً سلبيةً سيمتد تأثيرها حتماً إلى المنطقة العربية.
ووجه معاليه الى ان هذه الظاهرة تستمر في الازدياد حجماً وتأثيراً، بسبب تزايد تهريب وإنتاج أنواع مختلفة من العقاقير والمواد ذات التأثير النفسي والعقلي في بعض الدول العربية، وبكميات كبيرة،الأمر الذي يدلّ على أن عصابات تهريب هذه المواد تواصل مساعيها الرّامية لإغراق المنطقة بالمؤثرات العقلية، التي باتت تشكّل تحدّياً جديداً قائماً بذاته يعرقل جهود السعي لمكافحة هذه الظاهرة البالغة التعقيد والشديدة الخطورة.
و اشاردكتوركومان إلى الإحصائيات المختلفة، التي تصدر عن الجهات المعنية في الدول العربية، وتلك التي تُصدرها الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، من خلال مكتبها المتخصص بشؤون المخدرات والجريمة، يرى بكل وضوح مدى تفاقم هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة، إذ يكاد الارتفاع يطغى على جميع جوانبها فهناك ارتفاعٌ في أعداد القضايا المضبوطة في الدول الأعضاء، و في أعداد الأشخاص المضبوطين في هذه القضايا وفي الكميات المضبوطة من هذه المواد المخدرة المختلفة، وكل هذا مدعاةٌ لأن نقف جميعاً في صفٍ واحدٍ ضد هذا الانتشار والتزايد غير المسبوق في ظاهرة المخدرات، للحدّ منها ومكافحتها بكل الوسائل والطرق.
واكد معاليه على ان الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب لا تدّخر جهداً في هذا الإطار، وتسعى على الدوام إلى تعزيز التعاون العربي، وتكثيف الجهود المشتركة، سعياً لتطويق مشكلة المخدرات والحدّ من آثارها وتداعياتها على المواطن العربي، وعلى المجتمع العربي الكبير ككل، حيث عمدت إلى وضع الاستراتيجيات والخطط المرحلية، وسعت لدعمها بترسانةٍ متكاملة من التشريعات على شكل قوانين نموذجية استرشادية مُوحّدة، وكذلك الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف في هذا الإطار، ناهيك عن الجهود الحثيثة الأخرى التي تبذلها الأمانة العامة، بالتعاون مع الدول الأعضاء على صعيد علاج المدمنين وإعادة تأهيلهم، وتوفير الرعاية اللاحقة لهم لضمان انتقالهم إلى برالأمان وعدم انتكاسهم وعودتهم إلى مستنقع الإدمان، ودعم وتعزيز جهود الدول الأعضاء على هذه الصّعُد، ومن أهمها استحداث صندوق عربي لإنشاء وتطوير مراكز علاج المدمنين.
وشدد أيضا على استمرار المسيرة وتواصل بذل الجهود والمساعي الحميدة في سبيل الوقاية من هذا السّم الزّعاف ومكافحته، وعلاج من وقع في براثنه وأدمن تعاطيه ليعود عضواً نافعاً منتجاً في مجتمعه وبلده ووطنه العربي الكبير .