الإمام الأكبر: معاصي القلوب أخطر من معاصي الجوارح .. ومقابلة الإساءة بالإحسان ليست ضعف وخضوع
خلال الحلقة التاسعة من برنامج "الإمام الطيب" قال فضيلة الإمام الأكبر إن الحادث هو الذي وجد بعد عدم، بعكس القديم الذي لا أول له ولا عدم يسبقه، وهو الله سبحانه وتعالى، فالحوادث هي المخلوقات، وهي كل ما سوى الله سبحانه وتعالى، وسميت حوادث لأنها حدثت بعد عدم، في مقابل ان الله تعالى من صفاته أنه قديم أزلي لا أول له، ووجوده ليس بعد عدم. وأوضح فضيلة الإمام الأكبر، أن السلام كاسم من اسماء الله الحسنى يعني التنزيه أو التطهير، ومن الممكن أن يتخلق الإنسان به، من خلال تطهير قلبه ولسانه وجوارحه مما نهى الله عن ارتكابه من ذنوب ومعاصي وآفات إلى آخره، مشددا على أن حفظ اللسان من أهمها، بدليل حديث "أن الرجل ليتكلم بكلمة لا يلقي لها بالا فتهوي به في جهنم سبعين خريفا". وحذر فضيلة الإمام الأكبر من انتشار حالات السخرية من الآخرين بين الناس، وما تسببه من أذى شديد للآخرين حين تبلغهم هذه السخرية أو حين يسمعون بها، داعيا إلى ضرورة أن يسلم الإنسان لسانه من هذه الآفات، كالكذب والغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء، بالإضافة إلى سلامة القلب من آفات الحقد والحسد والغل والكره والبغض، لدرجة أن الله تعالى قد جعل النجاة يوم القيامة في أن يأتي العبد بقلب سليم، كما جاء في الآية الكريمة "إلا من أتى الله بقلب سليم" ، أي سليم من المعاصي. وأكد فضيلة الإمام الأكبر أن الاسلام يركز على سلامه القلب والسلامة من الرذائل،ويركز على الحث على الأخلاق، لافتا إلى أن معاصي القلوب تعد أخطر من معاصي الجوارح، حيث أن معاصي الجوارح عادة ما ترتبط بالشخص العاصي، محدودة به ولا تتجاوزه آثارها السيئه، لكن الحقد دائما ما يكون مع الآخر، وكذلك الحسد، فمعاصي القلوب معاصي متعديه عابرة، دائرتها أوسع من دائره الجوارح وتؤذي الآخرين. وأوضح فضيلة الإمام الأكبر أن من آفاتنا في العصر الحالي أننا قد حصرنا الاسلام والمسلم في الصلاة والزكاة والعمرة والعقيقة وما أشبه، في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده"، ولم يقل المسلم هو من يتهجد او يقوم الليل أو يذهب الى المساجد، مؤكدا أن سلامة القلب واللسان هي سبيل النجاة، مستنكرا ما يحدث للناس عبر بعض الفضائيات من إثاره واتهامات وأكاذيب يعلم الله أنها كذب في كذب، داعيا هؤلاء أن يفكروا في مصائرهم. وكشف فضيلة الإمام الأكبر عن أن مقابلة الإساءة بالإحسان ليست دليل على الضعف والخضوع، كما يصور الذين يتبعون فلسفة القوة التى تقول بأن الإنسان العظيم هو الانسان القوي والإنسان الضعيف هو إنسان حقير ويجب التخلص منه، بل هي قوة، وقوة من نوع معين لا يتحملها كثيرون، بل يتحملها فقط هؤلاء الذين أدبهم الله سبحانه وتعالى وأحسن تأديبهم وهم الأنبياء ومن على شاكلتهم، مستشهدا بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يساء إليه أو يعتدي عليه، حيث كان يسالم ولا يرد، لكن اذا انتهكت حرمات الله يكون كالأسد في الرد، موضحا أن الضعف لا يتجزأ، حاشاه صلى الله عليه وسلم، فلا يكون ضعيفا في مواقف وقويا في أخرى. ولفت فضيلة الإمام الأكبر إلى أن هناك تركيز عجيب للاسلام على حسن الخلق، يلمسه المتأمل في بعض الآيات كقوله تعالى " لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَ.."، بما يفيد بأن البر، الذي هو قمة الاسلام والإيمان، ليس بأن يولي المسلمون وجوههم قبل المشرق والمغرب، ولكن هو الإيمان بالله و.... ،ثم انتقل الى الجانب العملي الأخلاقي في قوله "وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَ.." وهي مجالات الأخلاق ومساعدة الضعيف، ثم انتقل إلى جانب العمل في قوله "وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ" ثم رجع بعد ذلك مرة أخرى إلى جانب الأخلاق في قوله "وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ"، ثم"وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ" وأخيرا "أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ"، وذلك بما يؤكد أن البر منه ما هو في العقيدة، ومنه ماهو في العمل كالصلاة والزكاة، ومنه ما هو في الأخلاق.